حفظ كتاب الله

منقول للاستفادة

لقد نزل كتابنا المقدس بلسان (عربي مبين) ..

وكان الله سبحانه وتعالى ينزل على نبيه وحبيبنا محمد عليه الصلاة والسلام
ءايات ءايات أو ءاية ءاية ..

والحكمة من هذا :هو أن الأية تنزل أحيانا لتشريع ما كما ف يالخمر مثلا أو تحويل القبلة أو فرض الصلاة أو تأييدا للنبي عليه الصلاة والسلام في موقف أو فعل أو غزوة الخـ

وكذلك هناك حكمة جلية واضحة
لكل ذي عقل أن القرءان لم ينزل جملة واحده
وإنما نزل متجزءا لدرجة أن نزل بعض منه في المدينة النبوية وبعض أخر في مكة

وهذا يدل على
منهجية التدرج والتسلسل في تفهيم الناس ومجاراة مستوى اداراكهم لحكم الله وقوله ..

لقد كان صحابة الرسول عليه الصلاة والسلام لايجاوزن عشر ءايات من كتاب الله
حتى يفهموها ويعملو بها ..

عن عطاء بن السائب أن أبا عبد الرحمن السلمي قال:
أخذنا القرآن عن قوم أخبرونا أنهم كانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يجاوزهن إلى العشر الأخر حتى يعلموا ما فيهن، فكنا نتعلم القرآن والعمل به،
وركزو تماما في تتمة الحديث :
وسيرث القرآن بعدنا قوم يشربونه شرب الماء، لا يجاوز تراقيهم

لقد فهم الصحابة الكرام رضوان الله عليهمـ قول ربهمـ

{كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ (29)}[سورة ص 38/29].

{أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ؟ [سورة النساء 4/82]

{إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (2)} [سورة يوسف 12/2]

ولهذا يخرج علينا ابن مسعود رضوان الله عليه بقوله :
"لا تهذوا القرآن هذَّ الشعر، ولا تنثروه نثر الدَّقَل، وقفوا عند عجائبه، وحركوا به القلوب، ولا يكن هم أحدكم آخر السورة"



اليومـ :
( ماشاء الله فلان حافظ القرآن ) وكأنه أخذ صك دخول الجنه ..
وترى الناس تعطيه قدرا ومنزلة .. والسبب (حفظ القرآن) ..!!!

مع أنا لم نسمع يوما في سيرة النبي عليه الصلاة والسلامـ أن النبي كرمـ حافظا للقرءان او أعطى النبي عليه الصلاة والسلام
هذا جانبا من الأهمية كما أعطاه وأولى الأهمية الأعظمـ لجانب التطبيق وفهمـ الناس لكلام الله عز في علاه ..

ويقال أن عدد الحافظين لكتاب الله في العهد النبوي كان بين 4 إلى 6 من الحفاظ ؟؟ !!
بل حينما أمر بجمع المصحف وكتابته من الحفاظ .. كم كان عددهمـ ؟؟

بعد 12 عاما ..
أمير المؤمنين خليفة رسول الله سيدنا عمر بن الخطاب بجلالته وعظمته
بعد 12 عاما ( يحفظ السورة التي وردت بها البقرة أو سورة (البقرة) )

إننا اليومـ نشهد حفاظا لكتاب الله كقول عبد الرحمن السلمي
وسيرث القرآن بعدنا قوم يشربونه شرب الماء، لا يجاوز تراقيهم

رسول الله عليه الصلاة والسلام يؤمر شابا على قومه لأنه حفظ سورة البقرة ..
لعلم النبي عليه الصلاة والسلام بأن هذا الشاب قد حفظ السورة كما ينبغي حفظها فهما وتطبيقا ..
بل حين ينادى في الحرب .. ( ياحفاظ سورة البقرة) فاكنو يهتزون وجلين لإدراكهم حقيقة وقيمة ءآيات سورة البقرة وماتحويه من دروس ويقينيات تربوعليها وفهمومها جيدا ..

كمـ عدد الحافظين لكتاب الله ؟
كمـ الفاهم والمتفكر فيما يحفظ ؟


إن التحافيظ اليوم

سواء أكانت في المساجد أو غيرهـا لاتقوم بشيئ سوى
تلقين وتكرارا الأيات لتحفظ ككلمات ( لامفاهيم ولامعاني) لدى طلاب التحافيظ ..
بل والادهى والامر من ذلك ..
أن تقوم هذه التحافيظ .. باجراءات وفرض قوانين (عقوبة) وماشابه
على الذي لايحفظ او يقصر في حفظه ..!!

والأشد من ذلك تلك القوانين التي فرضتها العادة والتقليد بعيدا عن عقلانية الإسلام وعدم انحصاره في المظاهر إلى رفض المظاهر سوى ( الثوب) ..

وكأن الثوب تذكرة الدخول لفهمـ او حفظ كتاب الله !!!
لدرجة تفرض بها العقوبات وتصل لمرحلة الطرد في حال المخالفة ؟؟

أنا لا أتحدث بدون علمـ ( لقد كنت سابقا طالبا في احدى هذه التحافيظ)
ولم أكن لأستمر أبدا ..
لقد رأيت شبابا يحضرون إجبارا إلى هذه الحلق من قبل أهاليهمـ
فإذا بك تسمع منهمـ كلاما وافكارا لاتتناسب بشكل من الأشكال مع خلق أو فهم أو فكر قرآني .. ؟؟


فما فائدة هذا الحفظ ..؟؟

وأشد مايغيظني هو ترك هؤلاء المحفظين لمنهج كتاب الله وفكره وتدراسه
ليبدأو بوعظ طلابهم في أمور (اختلافيه فقهية) .... في الفروع لا في الاصول
وكذلك المساس بشخيصيات دينية ..
فلا ترى حديثا لهم سوى ( الغناء والموسيقا _ القصة والشعر الطويل _ الجنز والبطلون _ الصوفيه والمعتزله _ العلمانيين والفسقه) ..
في تسطيح رهيب للأمور ... واحكام عشواء تطلق هكذا ..
متناسين عظمة الكتاب الذي أمامهم وقوله وحكمه .. وقوانينه وأفكاره !!

قال مسروق: "من سره أن يعلم علم الأولين والآخرين، وعلم الدنيا والآخرة فليقرأ سورة الواقعة".
قال الذهبي معلقًا على هذا القول: "هذا قاله مسروق على المبالغة؛ لعِظَمِ ما في السورة من جُمَلِ أمور الدارين، ومعنى قوله "فليقرأ الواقعة": أي بتدبر وتفكر وحضور، ولا يكن كمثل الحمار يحمل أسفارًا".

{وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ124)} [سورة التوبة 9/124]،... (فزادتهم إيمانا) زاااااااااااااادتهم ايمانا

لكن الواقع (زادتهم حقدا وكرها لاخوانهم ) وزادتهم (تناحة وخفة عقول)
وزادتهم ( بغبغة بلافهم ولاادراك) ..



إننا أمام واقع قرآني (برأيي) لايسر أبدا ..
تبذل الجهود ووتصرف الأموال وتهيئ الجوائز والمسابقات في (حفظ القرآن) ..

وينسى .. الفهم والعمل به .!!!
تسلط الأضواء التسعة والتسعون على الحفظ
ويترك ضوء واحد على الفهم والعمل ..؟؟

نقول بقراءاننا عزتنا .
بقرءاننا نصرنا
بقرءاننا تفوقنا ...

نعم .. لكن ليس بغبغتنا وحفظنا ..
إنما بعلمنا وفهمنا له ...


بالله عليكمـ إذا كان النصر يأتينا والتمكين بكثرة حفاظ كتاب الله
فلماذا للأن تتكالب علينا المصائب والدواهي على هذه الأمة ؟؟
مع وجود أولئك الحافظين ..

لأننا واياهم إما (حافظون لايعملون ) أو لايحفظون ولايعملون ..
وبرأيي الصنف الاول مصيبة ... لأنه حفظه ... ففهمه عليه أسهل والتعامل معه أيسر ...

"قال الامام ابن حزم في الإجماع: اتفقوا أن حفظ شيء من القرآن واجب، ولم يتفقوا على ماهية ذلك الشيء ولا كميته بما يمكن ضبط إجماع فيه، إلا أنهم اتفقوا على أنه من حفِظَ أمَّ القرآنِ ببسم الله الرحمن الرحيم وسورة أخرى معها فقد أدى فرض الحفظ, وأنه لا يلزمه أكثر من ذلك، واتفقوا على استحباب حفظ جميعه، وأن ضبط جميعه واجب على الكفاية لا متعي"


أنا أتعجب من بعض الأئمة يطيلون القراءة في التهجد والتراويح والصلوات ..
ولا أراهمـ سوى ملحنين ..
ومن خلفهم سامعين .... منتظرين للركوع لا اكثر ..

ويتنافس بعض من هم ( بالوارثة مؤمنين) .. بأني اليوم (صليت عند فلان)
لماذا ؟ لأنه لاينهي صلاة القيام الا الساعه 10 بدءا من الثامنة والنصف ..
ويافرحة مو فاهم شي .. !!!


{هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمِ يُوقِنُونَ} [سورة الجاثية 20]

{اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاء وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (23)} [سورة الزمر 39/23]

وأخونا في الله لاتقشعر ولا تنطرب ..المهم انه صلى عند الشيخ فلان ... الذي يطيل في القراءة

قال شعبة: حدثنا أبو جمرة، قال: قلت لابن عباس: إني رجل سريع القراءة، وربما قرأت القرآن في ليلة مرة أو مرتين، فقال ابن عباس: لأن أقرأ سورة واحدة أعجب إلي من أن أفعل ذلك الذي تفعل، فإن كنت لا بد فاعلاً فاقرأ قراءةً تُسمِعُ أُذنيك، ويعِيها قلبُك


لقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عبد الله بن عمرو أن يقرأ القرآن في أقل من ثلاث، وقال: ((لم يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث))

ونحن اليوم نرى بعض الدعاة (يصرخ) القرءان القرءان القرءان
وتلتفت له إذ به يقول ياجماعه اقراءو القران واختمو بأكبر قدر ممكن
وفي رمضان .. تقول كأن الناس دخلت (مارثون في قراءة كتاب الله) ..
وهم لايفقهون ولايفهون ولايعملون ؟؟!!!!


في النهاية أقول .. :

أن حفظ كتاب الله لايكون بالاجبار والتعنيف وفرض القوانين
التي لم يأت بها النبي ولاصحابته الكرام من لباس ومظهر
ومذهب ..
وفي الوقت ذاته .. لست داعيا لعدم حفظ كتاب الله ..


كان قد دار بيني وبين أحد أصدقائي هذا النقاش وهو إمام مسجد فقال لي :
( لاتعجبني طريقة الحفظ والأضواء الموجهة إلى الحفاظ اليوم الكثير من الحفاظ ضيعو العمل بما يحفظون
لو كانت الأضواء الموجهة للحفظ نفسها موجهة للعمل والفهم لكان حال الأمة أفضل ولكنا حقا جيلا قرءانيا قولا وعملا ومافائدة زيادة حافظ بلاعمل إلا كزيادة نسخة من كتاب الله تضعها على الرف )


وأشدد
على مسألة تحفيظ الطفل الصغير لكتاب الله
منذ سن الخامسة أو السادسة ..
فالطفل الصغير لديه الاستعداد لالتقاط كل ماقد يدور حوله
بشكل كبير

فإن أدرك المربي أيا كان قيمة هذه الجوهرة النظيفة الخالية ومخ الطفل الذي لم تلوثه براثن الأفكار ولم تعكر صفوه الاتجاهات والاقوال الفكرية او شهوات ومصارف الشباب ..
وعمل على متابعته وتربيته على القرآن ..

فبشكل تلقائي سيغرس هذا القرءآن كعقيدة ثابته في روحه وعقله وسيعمل على العمل به وفهمه بدلا من اضاعة الوقت في حفظه في عمر الشباب الذي يحتاج فيه لعلوم اخرى وعمل جاد فعال ,.